تتفق التعاريف القانونية والنظم التشريعية على أن الجريمة عمل مخالف، يكون فيه اعتداء على المألوف من الثوابت الأخلاقية والحقوق الانسانية، وبالنتيجة يعاقب عليها القانون. وتعد الجريمة بكل انواعها تجاوزا على الضوابط والأحكام القانونية والشرعية كافة، فهي انحراف وخروج عن المسار الإنساني الصحيح، من أجل تحقيق هدف يرضي المنفذ مقابل انتهاك حرمات متنوعة، فكيف لمجتمع ما أن يأمن إذا ما أصبحت الجريمة عملا مستساغا تغض الدولة الطرف عنه؟
فاذا كانت القوانين تردع الجريمة، من خلال العقوبات المطبقة التي تختلف أنواعها لتصل الى عقوبة الإعدام التي توقف تنفيذها في العديد من الدول، وايضا عقوبة الردع المالي، وبغض النظر عن طبيعة الجريمة ودوافعها التي حددتها العلوم التخصصية، فإنها تنتج العوامل السلبية واللاإنسانية التي تؤثر بالمجتمع، كالخوف وعدم الاستقرار والاستهتار بالقوانين والتشريعات السائدة والخلل في المنظومة الاخلاقية.
وما يدعو لمثل هذا الطرح، هو ظاهرة انتشار الجرائم المتعمدة تحديدا، بشكل جلي دون وازع من خوف أو من قانون.
لقد لفتت الانتباه في الأيام الماضية، ظواهر تمنينا لو أنها اندثرت في حقبة ولت الى غير رجعة، لما لها من تأثير موجع في النفس البشرية، فهل يعقل أن تنفذ جريمة قتل جماعية، يكون ضحيتها النساء والأطفال في بلد سن فيه أول قانون على وجه الأرض؟
وعندما تكتشف الجريمة بدلالة الضحايا المدفونين جمعا، يبدأ الحديث عن هوية القتلى والتعرف عليهم بدلا من توجيه أصبع الاتهام الى مرتكب الجريمة!
عجبي لزمن فيه الجرائم شرعية بالتمام، والمنفذ لديه الصلاحية والقرار في انهاء حياة البشر.!
في الامس استل سكينه شاب في مقتبل العمر، ليغرسها في جسد فتاة لا ذنب لها سوى أنها كانت في مساحة مسرح جريمته، كتب لها الموت فيه، وأخرى أنقذها القدر.
الجرائم تتنوع والقوانين ترتخي سدول تنفيذها كأننا في مأمن من شرها.
وإن أوهن بيوت القوانين، بيت عنكبوت القانون المسترخي على حصيرة المساء ينتظر استكان الشاي ليستفيق.