ماجرى من سبي للنساء العراقيات في شمال العراق لايقل وحشية وفقدان للانسانية عنه عما جرى لنساء الجنوب الفصليات.
السبي جاء مقتبسا من تشريع الدين، والفصل نابع من تقاليد العشيرة وكلاهما عملية إجرامية بحق المرأة التي كرمها الخالق فجعل منها سيدات لنساء العالمين.
الأولى ضحية النزعة الطائفية والعنصرية للتفسيرات المشينة للتشريعات السماوية والثانية ضحية للتشريعات الجاهلية العشائرية وإن اختلفت مع الدين.
تركت ناريمان دُميتها على سفح الجبل تقطعها شظايا الإرهاب الذي اقتادها مسلوبة انسانيتها نحو دهاليز التشريعات المقيتة يتناوب على شرفها حثالة ماخلق الله، مسلوبة الارادة، تنظر ذات اليمين وذات الشمال علّ فرج سماوي ينقذها من مأساتها، بينما تركت هبة دُميتها على ضفاف شط العرب تنتتظر رسائلها التي ستبعثها خلسة محمولة مع شموع خضر الياس على كربة نخلة.
المرأة أصبحت الدموع، النزيف الذي يشظي قلبها في مراحل التعسف الوحشي الديني كان منه أم العشائري.
لو سلمنا أن السبايا في شمال العراق ابتعدت عنهن حماية الدولة كبعد السماء عن الأرض، فلماذا لاتحمي الدولة الفصليات اللواتي نحرت حرياتهن، وأهدرت كرامتهن، وأمتهنت حقوقهن والدولة والشرع لصيقان في جنوب العراق، يخيمان بكل قوتهما، قريبان كحبل الوريد؟
لقد سبق لجمهورية العراق الأولى عام 1958 أن قضت على سلطة القبيلة السياسية وحولتها إلى هيئة اجتماعية ريفية يمكن للمرء الرجوع إليها للمشورة، فمن أحياها؟
إن الفراغ السياسي الذي خلفه النظام المقبور، أعاد للعشائر نفوذها من جديد وبتمجيد هذه المرة، يتباهى به الشيوخ العارفون منهم والجاهلون.
ما مصير بناتنا بعد هذه الفعلة غير الذل وكسران الأفئدة، وبالتالي تؤدي بهن الى الانتحار الذي هو الأرحم من العبودية.
العالم اليوم نساءً ورجالا مطالب بالوقوف بحزم ضد هذه الجرائم التي تنفذ تحت ضوء الشمس بتبريرات ومسوغات عشائرية ودينية، من أجل حماية المرأة من الاضطهاد المنظم، وإعادة كينونتها التي فرضتها كل المقدسات السماوية والتشريعات الأرضية.
دعونا نصرخ بكل ما أؤتينا من قوة بوجه هذا الظلم لنحمي ناريمان وهبة ونعيدهما الى دُماهما اللواتي ينتظرنهما بفيض الدموع.