فرض أحد الولاة في العهد العثماني على بعض القبائل ضريبة كانت عبارة عن "جزة صوف" صوف الخروف لكل عشرة رؤوس من الماشية، فلم يلق ذلك قبولاً عند أفراد القبيلة، فتذمروا منها متمنين أن يستبدل الوالي ليرفع الحيف عنهم. وما أن استبدل الوالي علم بتذمر أفراد القبيلة من تلك الضريبة، فأراد اصلاح الأمر بطريقته، فأمر بزيادة تلك الضريبة فجعلها "جزة صوف" ومعها خروف لكل عشرة رؤوس من الماشية، هكذا كان إصلاح الوالي الجديد، وما كان من أحدهم إلا أن عبر بقوله الذي شاع مثلا: ما رضينا بجزة، رضينا بجزة وخروف!!
المتظاهرون كان جلهم من المثقفين المساهمين في عملية البناء والتنمية الانسانية والعلمية كالأساتذة الجامعيين والكفاءات التخصصية وغيرها. لقد خرجوا يدلون بصوتهم ضد جزة الوالي التي فرضت على حياتهم منذ العام 2003 ولغاية اليوم، مطالبين بالإصلاح ورفع مستوى معيشة المواطن العراقي وتوفير الخدمات.
ان من المسلم به في أبجديات المجتمعات والدول أن يصار الى مراعاة هذه الفئات وضمان عيشها الكريم من خلال دعمها وتشجيعها لغرض زيادة إبداعها وعطائها للمجتمع والدولة.
إن ما جاء من اجحاف في تخفيض سلم الرواتب إنما يعبر عن فشل ذريع ونقص تام في مفهوم وأسس العدالة عند المشرع الذي أثبت بعده عن الواقع العراقي مما يكرس في تمييز طبقي جديد يشكل خطرا على وحدة المجتمع وتآلفه، ماعدا ضرره المنقطع النظير على الواقع البنائي للمجتمع.
لقد ولدت السياسات الفاشلة ضياعا ً لميزانية الدولة، ونهبا لمدخرات الوطن في وضح النهار بلا محاسب ولا رقيب.
السارقون يمرحون بألقابهم وهباتهم المسلوبة من الشعب، وقرارات الوالي الجديد تصب في الإذعان بتركيع الشعب جوعا، بدلا من وضع الخطط التنموية والاستثمارية لبناء الوطن اقتصاديا وتخفيض نسبة البطالة!
انكم تعيدون شعبا متحضرا الى صحاري الفقر والجهل والتخلف على عكس تجربة ماليزيا التي نهض بواقعها رئيس وزرائها السابق محمد مهاتير فجاء بشعبه من الغابات الى أحدث المدن ورفع من كفاءة الفرد ومستواه المعاشي فلا فرض على شعبه جزة ولا زاد عليها خروف.
أيها الوالي لقد زدت على جزتنا خروفا، وخشيتي أن تكون خروف محرقة السياسة والإدارة الفاشلة.