بين الفينة والفينة، تعاود أمريكا طرح مشروعها الرامي لتجزئة العراق، بعدما توصلت الى حقيقة جلية أنها لم تستطع تجزئة شعبه ولم تقدر على توظيف الفوضى الأمنية في تمزيق النسيج المتجانس في عمق تاريخه الأزلي.
ففي العام 2007 طرح النائب جو بايدن على الكونغرس الأمريكي مشروعه الذي يصب في تقسيم العراق وإقامة ثلاثة أجزاء حددها على أساسات عرقية ومذهبية: جزء كردي، جزء سني، وجزء شيعي. لكن هذا المقترح جوبه بغضب من العراق وبالخصوص المرجعية الدينية التي وصفته ب"المشروع الكارثة".
لو سلمنا أن المشروع الذي تم طرحه مجددا للتداول في أقبية البيت الأبيض قد تم تحقيقه رغما عن أنوفنا، فهل ستكتفي أمريكا للعراق بأقاليم ثلاث، أم أنها ستقسم كل إقليم الى اقاليم أخرى بناء على البناء الديموغرافي لكل إقليم بانية قراراتها على التنوع الديني والعرقي والتحزبي، فيحلو لها بعد ذلك فعل ماتريد حسب رغبة نوابها وأجنداتها الاستراتيجية في السيطرة الكاملة على المنطقة.
لقد فشلت أمريكا في احتلال العراق عندما جوبهت قواتها بمقاومة شديدة عراقية بحتة في النجف والبصرة والأنبار وبغداد وباقي جسده الواحد عندما اشتكى منه عضو تداعى سائر العراق بالوقوف ضد الغازي الذي عمل جاهدا للخروج من العراق بأقل الخسائر.
لقد وظفت أمريكا امكانيات العراق لجعله بلدا ديمقراطيا واسست له منهجا إداريا برلمانيا ليؤدي دوره بارادته كبلد مستقل، فلم التدخل والوصاية المستمرة على قراراته السياسية وكأنه مستعمرة تابعة لها وقرب حدودها!
أيها الأمريكيون، لكم امريكتكم ولنا عراقنا، اتركونا نعالج أمرنا بارادتنا لأنكم فشلتم معنا، وتكشفت كل أوراقكم أمام شعبنا المنشغل اليوم مطالبا بالاصلاحات، ولوكان مشروعكم يهمنا لخرجنا مطالبين به تحت نصب الحرية، رمزنا الباقي رفيقا لاحتجاجاتنا.
جزرتنا من أرضنا وعصاكم بيدكم، لن تلوي إرادتنا ولا تجبر جروحنا التي اندملت أن تنزف من جديد.