نشرت مواقع التواصل الاجتماعي صورة من وثائق زعم ناشرها إنها مسربة من أرشيف وزارة الخارجية السعودية، وتضمنت مراسلات سرية بين سفارات المملكة السعودية والوزارة، كما تضمنت مطالعات لأجهزة أمنية واستخبارية برصد وقائع وإخباريات تعرض على شخصيات رفيعة المستوى في المملكة.
وجاءت هذه الوثائق المنشورة مثيرة للاهتمام، وتفضح على حد زعم ناشريها أسرارا ومواقف خافية، وبقدر ما يهمنا من تلك الوثائق، ورود بعض أسماء شخصيات سياسية عراقية ودعمها ماليا من قبل جهات متعددة في المملكة وبيان القصد من هذا الدعم.
بالإضافة الى استعداد بعض الأسماء التعاون مع الأجهزة الأمنية في المملكة السعودية في نشر الفكر الطائفي والتكفيري ودعم الإرهاب في العراق، مما يضعهم في خانة المسؤولية القانونية وموجبات الإجراءات الجزائية المعتمدة في قوانين العقوبات العراقية، وارتكاب جرائم تمس امن الدولة الداخلي والخارجي وتضر بالمصلحة العامة، والتي قد تصل في أحيان عديدة الى مستوى الخيانة (المواد من 156 - 189 من قانون العقوبات).
وما تم نشرع من وثائق يمكن ان يكون من قبيل الوثائق التي تدخل في خانة الدليل الكتابي، وهذا الدليل أما ان يكون دليلا رسميا أو عاديا، وقد صنف قانون الإثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979 المعدل تلك السندات الى رسمية وعادية، وفقا لما نصت عليه المادة (22) والتي فصلتها كما يلي:
أولا – السندات الرسمية حجة على الناس بما دون فيها من أمور قام بها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة في حدود اختصاصه أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانونا.
أما ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات أو اقرارات فيجوز إثبات عدم صحتها طبقا لأحكام هذا القانون.
ثانيا – تعتبر من قبيل السندات الرسمية، شهادات الجنسية وبراءات الاختراع وأحكام المحاكم وسجلات التسجيل العقاري وما هو في حكم ذلك.
وهناك مسألة غاية في الأهمية فيما يتعلق بصور السندات الرسمية، فالعديد من الصور التي تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي تفتقر الى السند الأصلي، وهذه الصورة المستنسخة قابلة للتعديل والتحوير والإضافة والمحو والتزوير، وعلى هذا الأساس فقد نصت المادة ( 23 ) في حال إذا كان اصل السند الرسمي موجودا، فان صورته الرسمية خطية كانت أو مصورة، تكون لها حجية السند الرسمي الأصلي بالقدر الذي تكون فيه مطابقة للأصل.
وتعتبر الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك من يحتج عليه بها.
وفي هذه الحالة الأخيرة يتعين مراجعة الصورة على الأصل.
وما يشهده التطور العلمي وبرامج التكنلوجيا الحديثة من إمكانيات وقدرات في تغيير أو تحوير أو نقل على السندات التي تنشر، ما يجعلها غير قابلة لأن تكون حجة أو دليل حاسم في الإدانة مالم تقترن ليس فقط بالوثيقة الأصلية أو السند الأصلي، إنما يجب أن يتم تطبيق فقرات المادة (24 ) من قانون الإثبات، والتي تنص في حال عدم وجود اصل السند الرسمي فتكون صورته الرسمية حجة على الوجه الأتي:
اولا – يكون للصورة الرسمية الأصلية حجية الاصل متى كان مظهرها الخارجي لا يتطرق اليه الشك في مطابقتها للأصل.
ثانيا – يكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية الحجية ذاتها، ولكن يجوز في هذه الحالة لمن يحتج عليه بهذه الصورة ان يطلب مراجعتها على الصورة الأصلية التي أخذت منها.
ثالثا – أما ما يؤخذ من صور للصورة المأخوذة من الصورة الأصلية فلا يعتد به إلا لمجرد الاستئناس تبعا للظروف.
أما السندات العادية فقد فصلتها المادتين (25 و26 ) كما يلي:
- يعتبر السند العادي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو بصمة إبهام.
- ثانيا – في حالة الإنكار الكيدي للسند يحق للمتضرر ان يطالب بتعويض عن الضرر الذي يصيبه عن ذلك في نفس الدعوى او في دعوى مستقلة.
ولا يكون السند العادي حجة على الغير من تاريخه إلا منذ ان يكون له تاريخ ثابت، ويكون تاريخ السند ثابتا في إحدى الحالات التالية:
ا – من يوم ان يصدق عليه الكاتب العدل.
ب – من يوم ان يثبت مضمونه في ورقة أخرى ثابتة التاريخ.
جـ - من يوم ان يؤشر عليه قاض أو موظف عام مختص.
د – من يوم وفاة احد ممن لهم على السند اثر
معترف به من خط أو إمضاء أو بصمة إبهام أو من يوم أن يكتب أو يبصم لعلة في جسمه وبوجه عام من يوم وقوع أي حادث آخر يكون قاطعا في إن السند قد صدر قبل وقوعه. ومع ذلك يجوز للمحكمة تبعا للظروف الا تطبق الفقرة اولا على الوصولات. ان الوثائق المنشورة تتعلق بشخصيات لها علاقة بالعمل التشريعي أو التنفيذي في الدولة العراقية، كما تتعلق بشخصيات سياسية وأجتماعية، إلا أن جميع ما نشره الموقع وكررت مواقع التواصل الاجتماعي نشره بانتقائية مقصودة لا يشكل وثيقة يتم الاعتماد عليها في التجريم والإدانة.
كما لايمكن اعتمادها كقرائن قانونية أو قضائية يتم استنباطها من أمور ثابتة، إلا ان هذه الوثائق تبقى بحاجة للدعم والتقييم والتفحص الدقيق حتى يمكن ان تكون حجة على فعل أو موقف من تتعلق به، وتلك من مهمات الأجهزة الأمنية العراقية، ويمكن أن نرصد بيان وزارة الخارجية السعودية الذي صدر بعد يوم واحد من نشر الوثائق حيث ذكرت فيه إنها ستلاحق قانونيا جميع الجهات التي وقفت خلف الاختراق الذي تعرضت له بوابة الوزارة على الإنترنيت.
مشيرة الى هجمة الكترونية تعرضت لها الوزارة خلال شهر أيار الماضي.