سافرت بروحك بعيدا عنا مستعجلا دون وداع، كنت أتطلع إلى خارطة العراق الموشومة بين عينيك، وأنت تزهو ببدلتك العسكرية المتربة، فأجد فيك كل معاني الرجولة والشهامة والتواضع العراقي، تجسد التواضع فعلا من خلال محبة كل الذين يعملون معك مهما كانت مناصبهم ورتبهم، أحلامك الصغيرة لم تكتمل فقد كنت تحكي لنا عن بساطة الحلم، ان تنتهي المعركة بانتصاركم وأنت بيننا لتشتري سيارة صغيرة تركب بها مع عائلتك الصغيرة.
نور ومحمد وشهد وزينب يهدوك التحايا، وأم محمد ووالدتك وأخي الأصغر نبيل وشقيقك حسام كلهم يشتاقون أليك، وأنا وكلنا تمنينا أن تؤجل رحيلك عنا حتى نتلمس الفرح القادم الذي انتظرناه كل أعمارنا، فرحا بحجم العراق، وانتم تساهمون في طي صفحة مقيتة وبائسة من صفحات غزو العراق، وانتم تستأصلون قرادا بشريا وبهائم تجمعت كالذباب والجراد الجائع فوق وجوه مدن عراقية طاهرة. كلنا على رحيل لكننا لا نخطط لموتنا وسفرنا إلى الأبدية، ننتظر لحظتنا فنرحل، لافرق بين من يشهد رحيله في أخر العمر وبين من يعاند الحياة بالرحيل، وأنت الذي اختار المواجهة بشجاعة، والتصدي الباسل للبهائم التي قد تعتقد أنها نالت منا بك، لسنا متحسرين على الرحيل ولا قدرة لنا أن نغير الزمن أو نوقف السفر أو نعيد الماضي، ومع كل تباهينا بشجاعتك ومواقفك غير إننا كنا نود لو انك بيننا لتشهد جموع البهائم التي عافتها أهلها، وتبرأت منها بلدانها واشترتها أجهزة وبلدان تشحنها مثلما تشحن الخرفان، وهي تنتحر وتنفجر وتتمزق في ارض ترفضهم وتشمئز منهم أحياء ومن جثثهم النافقة، وكنا نود لو انك أجلت تلك السفرة الطويلة حتى ترى النتائج المتميزة لأولادك الصغار في المدرسة، وان نجتمع مرة أخرى في بيتنا القديم مربعنا ومأوانا والذي صار ملكا لأبيك في محلة الجديدة بالديوانية.
أيها الفارس الأبي الذي ترجل عن صهوة جواده حاملا روحه نذرا للعراق وسجل اسمه في سفر الشهداء الخالدين، في رحيلك قبل عام جعلتنا كلنا نتفاخر بك شهيدا ضمن عائلة كان لابد أن تعطي الكثير للعراق.
لك ولكل الشهداء الذين عمدوا بدمهم طريق النصر، وغسلوا بأرواحهم خيبات وخيانات ساسة منا، وبكم انتم تحقق النصر على بهائم مدعومة دوليا وداخليا أرادت السوء والشر بكل أهل العراق، فكنتم السيف الذي انزل فيها القصاص وحسم النزال. عد إلينا يا وسام فقد عادت الانبار عراقية وتحررت صلاح الدين واستكمل رفاقك وأبناء العراق غسل ارض الموصل الطاهرة من بهائم أرادت أن تقتل أهلها وتحرق أخضرها ويابسها، ونزل الناس للشوارع يفرحون مع أن فرحهم مثلوم، فجثث أخوتنا لم تزل تحت الأنقاض، والعديد من بناتنا الايزيديات لم يزلن أسيرات البهائم، ونحن ندرك انه مامر عام والعراق ليس فيه موت، ومر عام على رحيلك لكننا لم نزل بانتظارك لتشاركنا الفرح، وأنت الذي رحلت دون شكوى تراقبنا وتبتسم فقد حققت النصر بدمك وروحك أيها المعجون في قلوبنا.
لروحك السكينة والسلام. في ذكرى رحيلك الأولى لك منا جميعا السلام.