بعد كل محنة يتجدد الأمل عند الكورد، يخطيء من يعتقد أن الأمل والحلم سيموت في أن تكون للكورد دولة مستقلة مهما طال الزمن، يمكن أن تكون الظروف اليوم غير مناسبة، بالنظر لتعاون كل القوى الداخلية والخارجية التي لاتقر بحق تقرير المصير لشعب كوردستان، حيث التقت وتظافرت استخباراتها وتعاونت ضد الكورد في صفحة لم تك جديدة مطلقا أمام صفحات التاريخ، فقد تم محاصرتهم وطعنهم مرات عدة من جهات مختلفة اعتقادا ان حلمهم الكوردستاني لابد أن يموت، وإذا كنا نؤمن جميعا بان إرادة الشعوب لايتم قهرها بالسلاح والدماء والاضطهاد والقرارات ، واذا كنا نؤمن حقا بان لكل شعب حق تقرير المصير ، فان هذا الحق قادم بالرغم من اتفاق الأعداء وتوافق المصالح، العراق اليوم ينسجم مع تركيا التي رعت ودربت وعلمت داعش أن يقتل أبناء العراق ويدمر مدنهم، وتركيا التي تحتل جزء من الأرض العراقية حتى اليوم رغم انف العراق، وبالرغم من كل الحسابات الإيرانية التي تخص بلدهم وامنهم وسياستهم، من اجل تغيير واقع عراقي تشاركنا بصناعته.
لم تكن تلك الإرادة تتعلق بشخص مسعود البارزاني ولا بغيره من زعامات الكورد، تلك الإرادة لا تتعلق أيضا بالعديد من الحسابات الخاطئة ((البرلمان المعطل والخلافات السياسية بين الأطراف الحاكمة، والفساد الذي تفشى ولم يجد من يعالجه، والنفط الذي يباع دون علم الدولة، والصفقات السياسية التي تم تمريرها على كل أهل العراق مع قيادات حكمت العراق في غفلة من الزمن، ورئاسة إقليم تجاوزت مدتها القانونية فخرقت دستور الإقليم، وعناد ورفض لقرارات المحكمة الاتحادية))، غير ان كل هذا لا يتعلق بحلم الإنسان الكوردي الذي يرضعه من صدر امه كأي شعب حي وكأي امة لا تموت، فإذا كان هذا الحق ثابتا ومعترفا به فلماذا الإصرار على إلغاء الاستفتاء بعد إجراءه؟ ولماذا تتم معاقبة الآلاف من أبناء هذا الشعب بهذه الطريقة؟ ولماذا هذا الحصار الجوي والبري والاقتصادي والعسكري الذي نتعاون لإنجاحه حتى مع دول الجوار التي ما سلم الدم العراقي منها، التعاون مع الأجنبي حالة بائسة تنم عن تدني وانحطاط سياسي في حل الإشكالات والمشاكل الداخلية، اين كنتم حين مرت كل هذه السنوات وحكومة الإقليم تمارس سلطاتها المشروعة وغير المشروعة على شعب الإقليم هل التهاون والصمت والسكوت كان بثمن وبصفقات ام انه كان غفلة من حكامنا الذين صحوا فجاءة ليجدوا ان العراق غير موحد وان الكورد انفصاليين وخونة!! هل لنا عبره فيما اتخذه صدام بحقهم من إجراءات وما اطلق بحقهم من صفات؟
هم ((العصاة والانفصاليين وتوابع الأجنبي والخنجر الإسرائيلي في قلب الوطن العربي، وهم خونة العراق ومن يريد تمزيق نسيجه ووحدته))، نفس الصفات التي يطلقها البعض اليوم على شعب كوردستان، ولكنهم كانوا العصاة على الحكام الذين وسمناهم ووصفناهم بالظلم والدكتاتوريين، وهم الذين احتضنوا المعارضين ووفروا لهم الحماية في الزمن الصعب، وهم أيضا الشركاء في هذا البلد وهم الذين تعرضوا للتغيير الديموغرافي وتم إبعاد مئات الآلاف منهم وأحرقت قراهم ومورست المجازر والفجائع لمئات الآلاف منهم في الأنفال وحلبجة، وهم أيضا من تم تهجيرهم من العراق بزعم التبعية وهم من أنقى العراقيين واشرف الوطنيين الذين بنوا وقدموا للعراق.
هل يمكن ان يكون اردوغان وقاسم سليماني اقرب إلينا من كاكه حمه الذي فتح بيته وصدره لنا في أحلك أيامنا، هل يمكن أن نحتفل ونحن نقتل أخوتنا بسلاحنا؟
هل يمكن ان تكون الحروب والقتال والدماء هي الحل الامثل لمشاكلنا حتى يمكن ان نؤله زعيما جديدا؟
هل بات الدم العراقي رخيصا إلى هذا الحد؟؟
لنترك الاتفاقيات المشبوهة بين الأطراف القيادية السياسية في بلادنا، ونتجاوز كل الأسماء والأخطاء ونعود مليا الى العقل ونناشد الجميع عربا وكوردا وتركمانا وبقية مكونات أهلنا، فنقول هل للعقل والمنطق مكان في أيامنا هذه عندكم؟ وهل يمكن ان نساهم في حفظ وحقن دماء الناس فندعو للسلام والحوار، أن من سيموت في هذه الحرب ليس اردوغان ولا مسعود البارزاني ولا قاسم سليماني ولا العبادي أو المالكي إنما يموت الفقراء ويهلك الضعفاء من أهلنا، والعقاب الجماعي لايمكن أن يكون ردا على فعل لم يكن في زمانه، لا توغلوا في دماء العراقيين مهما كانت قومياتهم، ليس نصرا ما يحدث اليوم إنما زرعا لضغائن وكراهية ما كانت بيننا أبدا، غرور القيادات مهما كانت قومياتها لايمكن ان ينسحب على ما بيننا من محبة وتاريخ وتآخي ونضال مشترك، وقبورنا العربية وحرياتنا التي سلبتها منا المحاكم العرفية شواهد على تضحياتنا من اجل كوردستان، فليكن العقل والحرص على حياة الناس وإطفاء الفتنة هدف الجميع وخلاصنا من اجل الوصول الى تطبيق دستوري سليم بعيدا عن المنتصر والمنكسر، ليكن نداء من اجل وقف القتال والجنوح الى الحوار تحت سقف الدستور، نطالبكم بتغليب حقوق الناس ومصالحهم قبل حقوقهم ومصالحكم، ونريد تطبيق سليم للدستور من كل الأطراف، وان نستعجل لتعديل الدستور وردم كل الفجوات التي يمكن أن تنغص حياة الناس مستقبلا، ونطمح أن يفهم الساسة المعنى الدستوري والقانوني للحكومة الاتحادية والفيدرالية والأقاليم.