لم تمض شهور على مقالتي التي أكدت فيها انحدار تركيا نحو الهاوية بفعل وباء الإرهاب الذي ارتضت أن تكون القاعدة والأرضية التي ينطلق منها ، كل هذا يفعل الأحلام المريضة التي تجتاح عقل السيد رجب طيب اردوغان اليميني المتعاون مع التنظيمات السلفية والمتطرفة، فقد جلب بنفسه هذا الوباء إلى تركيا.
وبعد انكشاف التعاون والتنسيق مع التنظيمات الإرهابية، وبعد العزلة الدولية ومواقف الشعوب والحكومات المناهضة للإرهاب فعلا، وبعد الضربات المتلاحقة التي أصابت حزب اردوغان، والتي ستصيبه لاحقا، وانحسار تمدده وشعبيته، وازدياد عزلته وانكشاف الضرر الكبير الذي سيلحقه بتركيا جراء هذا الموقف اللاانساني المساند للإرهاب، وبالتعاون مع قطر والمملكة السعودية، لم تمض شهور على تلك المقالة التي أكدت فيها حجم التنسيق والمساندة للتنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم داعش، حيث لعبت تركيا دورا خطيرا في هذا المجال، حيث لم تتمكن من التستر عليها أو إخفاء حقيقة معالجة المصابين وإيواء المقاتلين من الإرهابيين الراغبين بالالتحاق في التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا وليبيا، ظهرت حركتها الواضحة على الأراضي التركية، من خلال الأشراف على الاستقبال وتأمين إبقاء المقاتلين والانتحاريين ومن خلال التدريبات التي سمحت لها المخابرات التركية أن تتم على الأراضي التركية، وتحديدا في منطقة غازي عينتاب، والتي لم تتمكن من إحكام التستر عليها.
بادرت حكومة اوردغان هذه المرة في محاولة بائسة لصرف الأنظار عن تلبسها بجريمة التعاون مع التنظيمات الإرهابية، وخشية من الإدانة الدولية، أظهرت نفسها على أساس انقلابها على التنظيم الإرهابي وفك التعاون والتنسيق مع تلك التنظيمات بالتعاون مع الولايات المتحدة، في محاولة بائسة لضرب الشعب الكوردي وإنهاء الحوار من جانبها بعد التعنت والمماطلة والتسويف الذي تعاملت به مع ملف الحوار والحل السلمي للقضية الكوردية العادلة.
تحت ستار محاربة الإرهاب تشن القوات التركية اعنف عدوان شرس مستخدمة به جميع أنواع الأسلحة ضد الشعب الكوردي في تركيا، اعتقادا بائسا من السيد اوردغان بأنه يستطيع أن يسحق إرادة الشعوب، واعتقادا منه بان السلاح يمكن له أن يقهر الإرادة والعقيدة والحقوق، فتظهر تلك الاعتقادات على شكل حماقات ارتكبها قبله العديد من الزعامات التي تهاوت كالورق، وكنستها شعوبها الى مزابل التاريخ، وبل حاكمتها وحاسبتها على ما خلفته من جرائم ضد الإنسانية.
خارطة داعش سوف تنتهي في تركيا، بعد أن يدفع شعب تركيا الثمن باهضا بسبب سياسة حكومته المتهالكة، بعد أن دفع شعب سوريا والعراق وليبيا الثمن قبله، والوباء لا يعفي أحد من مكروباته، ولا يوجد من يحمي أو يطعم أو يحصن نفسه ضد الإرهاب، ومن يلعب بالنار سيحرق أصابعه كما يقول المثل، والوباء الذي سينشر جراثيمه وجد له أرضية صالحة وحاضنه في الأراضي التركية من خلال الاحتضان والرعاية التي وفرتها الحكومة اليمينية السلفية المتطرفة وبالتأكيد فقد ظهرت بوادر الوباء من خلال رد فعل التنظيمات الإرهابية على الأراضي التركية، غير أن نهايته ستكون في نفس مكان ولادته، ومهما وسعت تركيا من ضرباتها واختراقاتها للمجال الجوي والسيادة العراقية، وضربها للقرى والقصبات والمناطق العراقية، يبقى صوت الشعب هو الأقوى، وتبقى إرادة الشعوب هي الأصلب، وأن الدم الكوردستاني واحد مهما تعددت المسافات، وستنتهي دورة الزمن بعد أن تسفك برك من الدماء من الطرفين لن تشفي غل وأحقاد التطرف المزروع في العقل السلفي، وستروي الأرض قصص الصمود البطولي للشعوب، كما ستروي أيضا المواقف الخائبة والخاسرة التي أضرت بالإنسان وبالحقوق وبالمستقبل، إلا أن الحق سيكتب له النصر حتما.