تتكون السلطة التشريعية في العراق وفقا للدستور من مجلس النواب ومن مجلس الاتحاد، ويستمد أعضاء مجلس النواب المشكلين لمجموعة شرعيتهم من انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر من قبل المواطنين. وتعني الشرعية إضفاء الصفة القانونية على المجلس عن طريق انتخابه وتخويله العمل التشريعي باسم الشعب، ويؤدي مهامه ومسؤولياته القانونية وفقا لما نص عليه الدستور والقوانين النافذة. ويعد مفهوم الشرعية ركنا أساسيا وقاعدة يستند عليها المجلس لتضفي عليه صفة القانونية في التخويل الشعبي لممارسة العمل التشريعي، وتُعرِّف الموسوعة الدولية الاجتماعية مفهوم الشرعية بانها الاساس الذي تعتمد عليه الحكومة في ممارستها للسلطة، وتمنحها الحق في ممارسة صلاحياتها وفقا للتخويل الشرعي الذي يتمتع به مجلس النواب .
ويفترض أن يكون عدد أعضاء مجلس النواب (328 ) عضوا منهم (8) أعضاء تخصص لكوتا المكونات (وتعني الكوتا الحصة أو النصيب)، ويتبقى عدد (320) عضوا، ووفقا للمادة (49) من الدستور يشترط ان يحصل كل عضو من أعضاء مجلس النواب على عدد من الأصوات لا يقل عن مئة ألف صوت، وجاء في الفقرة (خامسا) من نفس المادة ان مجلس النواب يقوم بسن قانون يعالج حالات استبدال أعضائه عند الاستقالة أو الإقالة أو الوفاة.
ويفترض أن القانون الذي يصدر وينظم حالة الاستبدال يجب أن يلتزم بالحالات التي حددها الدستور حصرا وهي:
استقالة عضو مجلس النواب`
إقالة عضو مجلس النواب
وفاة عضو مجلس النواب
وقد صدر القانون رقم (6) لسنة 2006 الخاص باستبدال أعضاء مجلس النواب المعدل بالقانون رقم 49 لسنة 2007 ونصت المادة الأولى منه على ما يلي:
أولا – تنتهي العضوية في مجلس النواب لأحد الأسباب الآتية: -
1- تبوأ عضو المجلس منصبا في رئاسة الدولة أو في مجلس الوزراء أو أي منصب رسمي آخر.
2- فقدان احد شروط العضوية المنصوص عليها في الدستور وقانون الانتخابات.
3- استقالة العضو من المجلس في غير الحالة المنصوص عليها في الفقرة ثالثا من هذه المادة.
4- الوفاة.
5- صدور حكم قضائي بات بحقه بجناية وفقا لأحكام الدستور.
6- الإصابة بمرض عضال أو عوق أو عجز يمنعه من أداء مهماته في المجلس، مشفوعا ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة على أن لا يتجاوز مجموع إجازاته المرضية (ثلاثة اشهر) خلال فصلين تشريعيين متتاليين، وفي حالة تجاوزه لذلك يحال على التقاعد وللمجلس الحق في استئناف قرارات اللجنة الطبية.
7- إقالة العضو لتجاوز غياباته من دون عذر مشروع لأكثر من ثلث جلسات المجلس من مجموع الفصل التشريعي الواحد.
وفقا لهذا النص أضاف القانون حالة تكليف أحد أعضاء مجلس النواب بمنصب وظيفي رسمي في الدولة، إلا أن هذا الحق لا يمنحه الصلاحية بأن يختار بديلا عنه من بين الذين خسروا الانتخابات ولم ينتخبهم الشعب، لأن الأمر يخرج من المنطق القانوني، في حال إذا تم تكليف الخاسر بعضوية مجلس النواب، أو إذا تم المجيء بشخص لم يتمكن من الحصول على الأصوات التي تؤهله ليكون عضوا في المجلس، وخصوصا إذا تذكرنا أن عضو مجلس النواب يمثل كل العراق، والمستبدل لم يحصل على عدد الأصوات في منطقته وبين أهله لتأهيله لعضوية مجلس النواب ممثلا للشعب العراقي، ووفقا لمنطق الاستبدال يصار إلى الخاسر الأول ممن حصلوا على أصوات أقل من الفائز الأخير ضمن القائمة أو المنطقة الانتخابية.
إن تصعيد الخاسرين إلى عضوية مجلس النواب لا يشكل فقط مخالفة للدستور، وانما يشكل هدرا لإرادة الشعب وتحديا صارخا لرغبته في الاختيار، وبالتالي تطعيم مجلس النواب بأعداد من الخاسرين ممن لم ينالوا ثقة الشعب ليكونوا ممثلين تشريعيين له رغم أرادته، فكيف يمكن فرضهم كنواب على الشعب العراقي خلافا للشرعية الدستورية، وخصوصا إزاء حالة اختيار أحد الأعضاء لوظيفة ومنصب إداري أو سياسي ما يتوجب اعتباره مستقيلا من عضوية مجلس النواب برغبته وموافقته لإشغال الوظيفة استنادا لنص الفقرة سادسا من المادة أعلاه ، غير أن المنطق يقول أن لا العضو ولا قائمته يحق لهما اختيار بديل عنه من بين الخاسرين في الانتخابات، حيث أن مثل هذا الأمر متروك للشعب ولعدالة الانتخابات.
إن قانون الاستبدال منح الحق لرئيس الكتلة أو القائمة، ليختار من يريد وفقا لرغباته ومصلحته، وفي هذا الحق مخالفة صريحة وخروج على مبادئ الدستور وأصول اللعبة الديمقراطية، لأن عضوية مجلس النواب لا تتم وفقا لرغبات الأشخاص ولا وفقا لمصالح الكيان أو القائمة، وإنما يجب فوق كل اعتبار أن تؤخذ أرادة الناخب، وثانيا التقيد بالنص الدستوري، وثالثا عدد المصوتين.
وليس من المنطق أن يتم اختيار من خسر في الانتخابات التشريعية بديلا عن عضو تمت إقالته، إذ لا يكون هناك فرق بينهما، فالعضو الذي تمت إقالته أصبح خارج المجلس لأسباب قانونية، والعضو المستبدل كان خارج المجلس ولم يتمكن من نيل الحد الأدنى من الأصوات التي تؤهله للفوز بالعضوية. إن اختيار من أخفق في الحصول على أصوات الشعب وإرادته، وفشل في أن يحصل على ثقة الشعب وموافقته، ليصبح عضوا في مجلس النواب هو أمر يعارض نص المادة (49) من الدستور، إضافة إلى ان قانون الاستبدال المعدل تجاوز على النص الدستوري، وحيث لا اجتهاد في مورد النص، وحتى لايكون مجلس النواب العراقي مثالا سلبيا في العملية الديمقراطية من بين برلمانات العالم، وحتى تكون هناك فاعلية حقيقية لنصوص الدستور في احترام إرادة الناخب وحقه في الاختيار، فانه ينبغي أن يكون العضو المستبدل من بين الذين حصلوا على نسبة تقل عن الفائز الأخير، وليس من المقبول أن يحصل المرشح على عدد من الأصوات لا يتجاوز العشرات ليكون ممثلا لكل العراقيين برغم إرادتهم استنادا لنص قانون الاستبدال المخالف للدستور وللعدالة.
إن قانون الانتخابات يقضي بان يكون الفائز من يحصل على أعلى الأصوات، ومبدأ الفوز يقضي على مبدأ الاستبدال لأن عضوية مجلس النواب ليست وظيفة تنفيذية يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر إنما هي مهمة تشريعية نالت شرعية المواطنين وفقا للحصول على أصواتهم.