إن احتجاز الأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال جنائية إلى حين محاكمتهم هو من الأمور التي يجب أن تتم في أضيق الحدود مُراعاًة لحقوق المتهم. إن هذه القاعدة تتفق مع مبدأ افتراض البراءة إلى حين ثبوت الإدانة. مع توفر الأدلة، بيد أن هُناك حالات يجوز فيها للسلطات أن تلجأ الى تقييد حرية الشخص إذا كان هُناك ما يُشير إلى احتمال فِرارهُ، أو عندما يكون في إخلاء سبيله خطر يُهدد الغير، أو يمكن أن يهدد حياته في أحيان أخرى، أو يمكن أن يؤثر على الشهود أو يُعرِض أدلة الدعوى للخطر من خلال وجود متهمين آخرين لم يتم القبض عليهم. وفي سبيل تنظيم وسائل وسبل القبض على المتهم فقد وضع القانون شروط توجبها المواد ويشترط توفرها في لأوامر القبض الصادرة حتى يمكن اعتبارها صحيحة معتبرة قانونا، ومنها ما نصت عليها المادة 93 من الأصول الجزائية، والتي أوجبت أن يشتملا مر القبض على اسم المتهم الصحيح والواضح ولقبه المتعارف عليه وهو يته وأوصافه وعلاماته الفارقة بقدر الإمكان، مع ذكر محل إقامته ومهنته التي عرف بها، بالإضافة الى المادة القانونية التي تشكل الجريمة المتهم بعا وتاريخ صدور الأمر بالقبض، بالإضافة الى ذكر أية معلومات أو ملاحظات يدونها القاضي أو المحكمة في سبيل تسهيل عملية الاستدلال على المتهم، كما يمكن للقاضي بمقتضى نص المادة 95 من الأصول الجزائية أن يدون في الأمر الصادر وجوب إطلاق سراح المقبوض عليه إذا قدم تعهدا كتابيا بالحضور في الوقت المعين مقترنا بكفالة يقدر مبلغها القاضي، او حتى بدون كفالة أو بتعهد مقترن بإيداع المبلغ الذي يعينه القاضي في صندوق المحكمة، ويختم الأمر بختم المحكمة ويوقع بتوقيع القاضي أو المحكمة التي أصدرته، ويتضمن أمر القبض بالإضافة لما ذكر أمرا الى تكليف أعضاء الضبط القضائي وأفراد الشرطة بالقبض على المتهم المذكور وإرغامه على الحضور أمام سلطة التحقيق.
ووفقا لنص المادة 98 من قانون أصول المحاكمات الجزائية يحق للقاضي أن يأمر بالقبض على أي شخص ارتكب جريمة في حضوره. كما يمكن للقاضي أن يقوم بالموافقة على قيام الشرطة في منطقة عمله بتنفيذ أمر القبض الصادر من قاض آخر خارج منطقة الاختصاص المكاني، تسهيلا لتنفيذ أمر القبض ويقوم بالأمر بتسفيره في اقرب فرصة ممكنة الى المحكمة التي أصدرت أمر القبض .
ومن شروط أمر القبض أن يقترن بصدور قرار قضائي من القاضي على الأوراق التحقيقية الخاصة بالقضية، يتضمن إصدار أمر بالقبض على المتهم وفق المادة القانونية التي ينسبها قاضي المحكمة سواء كان قاضيا منفردا أو محكمة تتشكل من عدة قضاة. وبالنظر لجسامة الأفعال الإجرامية التي ارتكبت بحق العراقيين في الفترة المنصرمة، وبالنظر لتداول المجرمين والمتهمين ألقاب وكنى يتسترون بها عن حقيقة أسماؤهم، فقد أصدرت محاكم التحقيق أوامر بالقبض على تلك الأسماء بدلالة المشتكين أو اهالي المجني عليهم، وأجاز بعض شراح قانون الأصول تلك الأوامر بالقبض مع كونها ناقصة باعتبار انها يمكن ان توصل الى حقيقة المتهم وتسهل عملية القبض عليه، وفي كل الأحوال فأن أمر تدقيق هذا الأمر منوط بقاضي التحقيق الذي يتوجب عرض الأمر عليه في أقرب فرصة ممكنة للتثبت من علاقة المتهم المذكور بالقضية موضوع التحقيق.
أن المادة 94 من قانون الأصول أوجبت على القائم بتنفيذ أمر القبض أن يقوم بإطلاع الشخص الذي صدر أمر القبض بحقه على ورقة أمر القبض، وان يقوم بتفهيمه مضمونه وما تضمنه من معلومات، ومن ثم القبض عليه وعرض أمره على الجهة القضائية التي أصدرت امر القبض ن او أقرب جهة قضائية أخرى لتقرير مصيره مؤقتا ريثما يتم تأمين إيصاله الى الجهة التي أصدرت أمرا بالقبض عليه. كما أن أوامر القبض الصادرة بحق المتهمين سارية المفعول في جميع أنحاء العراق الفيدرالي، وهي واجبة التنفيذ ممن وجه إليهم، وفي سبيل ذلك ينبغي دراسة شكل التنسيق بين السلطة القضائية الاتحادية وبين سلطات القضاء في الأقاليم وفي المحافظات التي لاترتبط بإقليم، حول آلية تنفيذ أوامر القبض الصادرة بحق المتهمين.
وتبقى تلك الأوامر سارية المفعول ولا يبطل مفعولها إلا بصدور مذكرة من نفس الجهة التي أصدرتها أو من قبل جهة أعلى منها قضائيا كأن تكون محكمة الجنايات التي تتبعها المحكمة أو القاضي الذي أصدر المذكرة أو بصدور من محكمة التمييز الاتحادية بصدور قرار بنقض قرار قاضي التحقيق أو المحكمة التي أصدرت مذكرة التوقيف.
ووفقا لهذا لايمكن لمحكمتين متساويتين أن تلغي مذكرة احدهما الأخرى، كما لايمكن لقاضي أن يلغي أمر بالقبض صادر من قاض آخر دون عرض الأمر على الأخير وموافقته على تخويله بالإجراء القانوني المناسب، على أنه يمكن للقاضي الذي أصدر الأمر بالقبض أن يخول القاضي الأخر إمكانية إخلاء سبيل المتهم بكفالة وفقا لما ذكر آنفا في المادة 95 من الأصول الجزائية، سواء بكتابة ذلك في أمر القبض أو بقرار على الأوراق التحقيقية الخاصة بالمتهم.
غير أن هناك حالات محددة أوردها القانون حصرا يمكن معها لأي شخص ولو بغير أذن من السلطات المختصة أن يقبض على أي متهم بجناية أو جنحة في حالات هي:
1.إذا كانت الجريمة التي ارتكبها المتهم مشهودة.
2.إذا كان المتهم قد فر بعد القبض عليه قانونا.
3.إذا كان قد حكم عليه غيابا بعقوبة مقيدة للحرية.
وفي حالة محددة أخرى يمكن لأي شخص ولو بغير أمر من السلطة القضائية المختصة أن يقبض على كل من وجد في (محل عام) (وفي حالة سكر بين واختلال) (وأحدث شغبا) (أو كان فاقدا صوابه) حيث يقوم بتسليمه الى اقرب مركز للشرطة. ومنحت المادة 103 من القانون الحق لأفراد الشرطة أو أعضاء الضبط القضائي ألقبض على أي من الأشخاص:
1.كل شخص صدر أمر بالقبض عليه من سلطة مختصة.
2.كل شخص كان حاملا سلاحا ظاهرا أو مخبأ خلافا لأحكام القانون.
3.كل شخص ظن لأسباب معقولة انه ارتكب جناية أو جنحة عمدية ولم يكن له محل إقامة معين.
4.كل من تعرض لأحد أعضاء الضبط القضائي أو أي مكلف بخدمة عامة في أداء واجبه.
وخص الدستور العراق عضو مجلس النواب بمقتضى نص الفقرة ب من المادة 63 منه بالحصانة الدستورية التي لم تجوز إلقاء القبض على عضو المجلس خلال مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهما بجناية، وفي حال صدور أمر بالقبض بحقه تطلب المحكمة من المجلس رفع الحصانة عنه، حيث يتم النظر في أمر رفع الحصانة بموافقة الأغلبية المطلقة أو إذا تم ضبط العضو متلبسا بالجرم المشهود في جناية.
كما لايجوز إلقاء القبض على عضو المجلس خارج مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهما بجناية وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه، أو إذا تم ضبطه متلبسا بالجرم المشهود في جناية.