سمعنا بأن الحقيقة مُرّة.. لأن معظم الحقائق التي تهمنا هي تلك التي تتعلق بالألم.. فالحقائق الاخرى لا تحتاج الى القلق إزاء معرفتها..
فما من أحد سيتفاجأ فيما لو علم بأن حبيبته تحبه، لأن هذا (من وجهة نظره) قد يكون تحصيل حاصل..
وما من أحد سيُصدم عندما يعلم بأن صديقه يحترم ثقته، لأنها مسألة بديهية تتعلق بالصداقة..
وما من مدير يصاب بالذهول عند التأكد من اخلاص موظفيه، لان هذا يتعلق بأدبيات المهنة...
وما من مُربي حيوانات يشك بوفاء كلبه،
لأن الكلب معروف بالوفاء.
ولكن، الحقيقة المتعلقة بكل ما يتضمن عكس توقعاتنا أو آمالنا هي التي تسمى بالحقيقة المرّة.
ويا ترى هل من المستحسن أن يعلم المرء بها أم لا؟
البعض يقول، بالتأكيد أحسن،
لأن البقاء في الوهم، سيكلف أكثر..
والبعض الآخر يفضل أن يحيا في الأوهام، لأنها اريح من مواجهة بعض الحقائق..
وهكذا تتباين الآراء..
ولكنها لا تنفي بأن الحقيقة قد تكون غير مُسرّة في أحيانٍ كثيرة..
ومن أصعب ما يمكن للمرء أن يمارسه في هذه الحياة، هي أن يتغاضى عن الحقيقة على الرغمِ من علمه بها، ويحاول أن يحيا وكأنه لا يعرفها..!
لأن واقعه يفرض عليه أن يتحمل،
وأن لا يعبر عن حزنه وألم قلبه..
ولو أستطعنا التبحر في أغوار نفوس كثيرة
لسمعنا أنين، يقول:
دمعة واقفة في بؤبؤ العين،
غير مسموح لها أن تنزل..
وشهقةٌ مكتومة في صدرٍ حزين،
لا يجوز لها أن تسأل..
لا تسأل..
لا تسأل.. بل تحمّل..
فأنت وأنا من الذين في حياتهم العذاب تأصّل.. ظروفنا لن تتبدّل..
والحزن عن طريقنا لن يتحوّل..
ولكن، لكل شيء أوان..
ولكل بداية نهاية..
وما علينا إلا أن نستمر بالحكاية.