ماذا لو تغيرت موازين القصص التي سمعناها في طفولتنا؟ ماذا لو تبينت براءة بعض الشخصيات التي ظهرت بصورة مرعبة في تلك القصص...؟
أنها لفعلاً مجازفة قد لا يرغب المستمع بتقبلها..!
لمن لا يعلم ماهي قصة ليلى والذئب، فهي قصة من قصص الأطفال القديمة التي تروي حكاية بنت اسمها ليلى اخذت بعض المعجنات الى بيت جدتها في الغابة، ويسبقها ذئب ويأكل الجدة ثم يرتدي ثيابها منتظراً ليلى لكي يلتهمها هي أيضاً، ثم يصل حارس الغابة في الوقت المناسب ليقتل الذئب ويُخرجُ الجدة من أحشاءه ويحيا الكل (عدا الذئب) حياةً سعيدة.
تخيلوا، لو أظهرت محكمة الثقافة بياناً صادراً ببراءة الذئب من دم جدة ليلى، يا ترى كيف سيتقبل الناس هذا البيان؟ إذ بعد قرون من الزمن ينجح محاموا الذئب في الحصول على برائته...
والطعن في الحكم كان مستنداً على إن الذئب لم يأكل الجدة بل ألتهمها التهاماً (ابتلعها) لكي يوفر لها الدفء في معدته.. لأنها كانت تصرخ من داخل البيت قائلة: برداً شديداً، برداً شديداً... وقال محامي الذئب: لو كان موكلي مجرماً مثلماً أعتقدتم لنهش لحمها نهشاً بأنيابه الخالبة...
أخذت القضية 300 سنة في محاكم الثقافة والفنون، الى أن صدر الحكم ببراءة الذئب بعد موته بـثلاثة قرون.. مبروك لعائلة الذئب ونسله لبراءتهم من دم جدة ليلى.
وبعد عدة أسابيع، رفع أحفاد الذئب دعوة قضائية ضد عائلة حارس الغابة الذي قتله وأخرج جدة ليلى من أحشاءه.. مطالبين بتعويض عن تشويه سمعته خلال الثلاث مئة سنة الماضية، وإضافة نتيجة الحكم الى القصة مع تحويل عنوانها من "ليلى والذئب" الى "براءة ذئب"...!
بصراحة، هذا ما يحصل على الساحات الأجتماعية والسياسية في العالم.
انقلابات ضد حكومات مستبدة، وبعدها بسنواتٍ أو عقود تظهر قصص تمتدح تلك الحكومات والانظمة، وتنقلب الأحداث، وتتغير الوجوه، وتتهم الانظمة الجديدة، وتزاح، وبعدها بسنوات يتحول السياسيين السابقين الى قديسين، وهكذا.......
اشخاص يتسببون بأذى شديد لمن هم حولهم وتتدمر عوائل بسببهم، وعند موتهم (وهذا نادراً ما يحدث، فالاشرار يعيشون طويلاً) يتجمهر الناس في دار العزاء ويقولون مسكين ، كان رجلاً طيباً...!
هذه هي الحياة... قد تنقلب الأدوار فيها... وقد تتغير وجهة نظر الناس ببعضهم البعض...
ودوري يا دنيا دوري بينا.