أحياناً نلتقي بآناس ونقول عنهم "هذا ليس لديه مشاعر" او "تلك ليست بالعاطفية" أو "هؤلاء مجردون من الأحساس"، ولكننا ننسى أن نسأل لماذا؟
في عالم الطب، قبل أن تصف العلاج عليك أن تتعرف على المرض حيث تسأل عن الأعراض ثم تبحث عن المسببات.. من المفترض أن يكون البشر من المخلوقات الحسية، أي لديهم إحساس (وأنا شخصياً أعتقد بأن الحيوانات والنباتات وربما حتى الجراثيم قد تكون حسية أيضاً).. ولكن إذا لم نكترث بمشاعر المخلوقات وقمنا بإلغائها، فستأتي كل الموبقات.. من يقتل الجسد ليس بأقسى ممن يقتل النفس. ولكن في أحيانٍ كثيرة، أكتشفت بأن الذي يتسبب في جرح الآخرين، تراه لا يشعر بمردودات افعاله، لأنه لو شعر بالأذى الذي يسببه، لما فعلها..!
عشرات لا بل مئات من الحالات الفعلية من واقع حياتنا تؤكد وجود الأفلاس العاطفي.. فكم من مرأة تحيا مع زوج مقامر أو سكير أو مدمن ولا تشعر بإنسانيتها أو بقيمتها في الحياة..؟
كم من رجل دفن حياته في العمل لكي يهرب من واقعه..؟
كم من موظف يرسم ابتسامة على وجهه وهو مضطهد من قبل مرؤوسيه، ولكن لحاجته للعمل فهو (او هي) يضطر للتحمل..؟
كم من مواطن في بلدانٍ مختلفة شعروا بالظلم والأستبداد بسبب التفرقة العنصرية وجردوا من ديارهم ومساكنهم وأوطانهم...
يا ترى كيف يمكن أن نتصور بأنهم سيحيون حياة طبيعية بدون أي تأثير لتلك الكوراث أو المصاعب على نفوسهم.. ولكن، أن يُعلن المرء إفلاسه عاطفياً هو أصعب أنواع الهزيمة.. لأننا لو بحثنا في دواخلنا، لوجدنا الحب مختفياً بين ثنايا الفؤاد.. ينبض من نبض القلب.
كل ما يحتاج اليه، هو قلب آخر يفهمه.. ويقدره.. ويمنحه فرصة.. كما البذرة التي تحتاج تربة خصبة وماء وضوء للنمو، فالحب يحتاج الى أحترام، فرصة، وثقة لكي ينمو ويزهر ويحيا من جديد.