في البداية أرغب بالإعتذار مقدماً عن حدّيتي الغير معهودة في طرح هذا الموضوع الشائك، وذلك لأني عاصرتُ خلال ايام إغترابي في هذه الحياة حروباً وكوارث سياسية واجتماعية وشهدتُ دمار أوطانٍ برمتها، ليس فقط دماراً مادياً فحسب، بل أخلاقياً..
كنتُ أستغرب عندما أسمع بأنك في دولٍ معينة من العالم تستطيع أن تترك سيارتك مفتوحة في شوارعها بدون أن تقلق من أن يسرقها أحد.. كما ويمكنك ترك ابواب بيتك مفتوحة ولن يدخلها شخصٍ غريب مُطلقاً..! فهل هذا لأنهم إناس مؤمنين بدينٍ معين ويخشون الخالق؟
أم لأن القوانين صارمة والخوف من العقاب يمنعهم من ارتكاب الجريمة؟
صدقاً، انا لا أرغب بأن أعطي أمثلة عن دولٍ تتبع السببين المذكورين أعلاه ولكن نسب الجريمة فيها لا يمكن وصفها بالكلمات (من شدة بشاعتها) لكي لا يتصور أحد بأني أرغب بتوجيه اصابيع اللوم الى حكومات أو جهات معينة لأن ذلك ليس وارداً في نظرتي الشمولية مطلقاً.. ولكني واثق بأنكم تستطيعون تشخيص هذه الدول وما تتبعه من أعراف وتعلمون بمدى الدمار الذي لحق بشعوبها...!
بعد البحث والدراسة، أكتشفتُ بأن السبب الوحيد الذي يمكن اعتباره سبباً فعالاً في تحقيق الأمن الداخلي لأي بلد مستقر هو إن شعوب بعض هذه الدول قد تعلموا من الكوارث التي مرت بهم عبر العصور وتعاونوا على إحداث تغيير جذري بالمجتمع وأعرافه، وعبر السنوات حققت بلدانهم توازن مهم في ظل سلام أمني، فحضوا برفاهية إجتماعية وتمتعوا جميعاً بخيرات البلد بالتساوى مما زاد من نسبة الوعي والشعور بالإنتماء بين الأجيال المتعاقبة لتولد شعباً أميناً، وطنياً، قنوعاً، شبعان العين والفكر ، متماسكاً، إنسانياً، ولا وجود نسبي للأنانية فيه... وعلى العكس، فما نلاحظه في معظم الدول التي تعاني من تشويش أو خلل سياسي واجتماعي بأن الدين والقانون والصرامة فيها لا يردعوا الجريمة ، بل العكس هو الواقع السائد، لأن الكبت النفسي والحرمان الجسدي وغيرها من الممارسات الغير منطقية عبر السنين قد أخلت بالنظام الإنساني العام ، واصبحت تشجع نظام النخبة أو الجماعة المسيطرة على النظام... وهذه هي كارثة الشعوب المبتلاة...!
الشعوب التي فقدت مبادئها الأخلاقية تحتاج الى إعادة تربية بشكل منهجي ، قد يستمر لعقودٍ من الزمن.
والأخلاق هنا لا تقتصر على تصرفات معينة فقط مثلما تعودت بعض الشعوب المتخلفة أن تفهمها... بل الأخلاق (أو المبادئ) تشمل (ولا تقتصر على):
الصدق، والأمانة، والشرف (شرف الكلمة وليس الشرف المعهود فهمه..!)، المثابرة، الإبداع، العدالة، الإحترام ، النظام، الشعور بالمسؤولية، الرقابة الذاتية (الضمير..!).
وأخيراً وليس آخراً الحرية المتوازنة والديموقراطية الواعية.
إن الإكثار من التفكير بهذه المبادئ، والتقليل من التضليل والنفاق الأجتماعي لربما سيحفز البعض على التظافر وأخذ خطوة فعالة ، قد تكون سبباً للتغيير يوماً ما.....
*يَعيشُ في أَمْنٍ:
في طُمَأْنينَةٍ وَيُسْرٍ (معجم المعاني الجامع)