أجتمع الاصدقاء الثلاثة كعادتهم، وتبادلوا أطراف الحديث حول "منعم" الذي أعلن إضرابه عن الزواج منذ سنوات، معلناً عزوبية دائمة بعيداً عن مشاكل الزواج وهموم العائلة، على حد تعبيره..
وبعد شهرين، عاود الأصدقاء الثلاثة لقائهم الدوري، وإذا بـ "منعم" يعلن خطبته على إحدى الآنسات، والتي ألتقاها في مؤتمر خاص بعمله قبل خمسة أسابيع..!
سأله "مازن" قائلاً – أهذه حقيقة أم مزحة تمزحها معنا كعادتك يا "منعم"؟
منعم – أبداً صديقي، إنها الحقيقة فعلاً..
فقال "جورج" – وكيف حدثت هذه المصيبة؟ أخبرنا لو سمحت.. منعم (يضحك) – ثقوا بأني لم أخطط لهذا الموضوع مطلقاً...
مازن – أ ترغب بأن تقنعنا بأن ما حدث معك هو "حب من أول نظرة"؟
منعم – فعلاً ، هذا ما حصل..!
جورج – من المستحيل أن اصدّق بأن "منعم"، زير النساء، المضرب عن زواج، ستتم خطبته على أي إمرأة في العالم..!
منعم– أنا كنت واثق بأنكم لن تصدقوني..
لأني أنا نفسي لم أصدق ما حدث معي..!
مازن – إخبرنا يا حضرة العاشق المُتيم بما حدث معك..!
منعم – حضرتُ مؤتمراً خاصاً بعملي لمدة ثلاثة أيام في إحدى الولايات، وإذا بي ألاحظ إحدى النساء المشاركات في المؤتمر تتحدث..
لا أعلم مالذي جرى لي في تلك اللحظة.. وكأني أعرفها منذ دهر من الزمن..!
عموماً، أنتبهتْ هذه الآنسة بأن نظراتي كانت مركزة عليها، فأبتسمت.. ويالفرحتي في تلك اللحظة.. وكأني حصلت على مليون دولار..
تجاذبنا أطراف الحديث بعد الجلسة الأولى..
فلم أجد في حياتي إمرأة بذكاءها ولطافتها... تحدثنا كثيراً خلال الايام الثلاثة التي قضيناها في المؤتمر، وتناولنا العشاء مع الاصدقاء عدة مرّات، وتبادلنا أرقام الهواتف..
ومنذ ذلك اليوم ونحن نتحدث يومياً.. تعلق قلبي بها بشكل لم أعهده مُسبقاً.. لم أجد تفسيراً لما يحدُث معي مطلقاً.. وقبل يومين، طلبتُ يدها للزواج، معلناً إستسلامي للحُب.. ولا تسالوني كيف، ولماذا..
جورج (مبستماً) – هذا خبر الساعة.. انا اشفق على هذه المسكينة.. لأنها لا تعلم بأنك زير نساء..هههههههه..
منعم – صدقاُ يا جورج.. لم أعد أرى أي إمرأة في العالم غيرها... أصبحتُ وكأني أحيا بين رجالٍ فقط وهي المرأة الوحيدة في هذا الوجود..!
مازن – عجبي عليك يا "منعم"..! كنت من أشرس المعارضين للإرتباط والزواج..!
منعم – نعم، لحين ما التـقيت بهذه الإنسانة التي غيرت موازين حياتي وقلبتها راساً على عقب.. أنا أحبها.. ولن أتخلى عنها مهما كانت الاسباب..
مازن – هل يمكن للحُب أن يأتي بهذه السُرعة؟ هل يمكن لإنسان عاش في فوضى عاطفية لسنواتٍ طويلة أن يستقر في حُب واحد؟
جورج – كل شئ ممكن يا مازن.. لقد سمعنا كثيراً بالعبارة التي تقول بأن الحُب يصنع المعجزات.. وأن يجد الإنسان شريكاً لروحه ولأفكاره قد يقوده الى حالة من الاستقرار العاطفي والرغبة بالإرتباط وأتمام المشوار سوية..
منعم – صدقوني، إضرابي عن الحُب والأرتباط كان بسبب رؤيتي لتجاربكم الفاشلة.. فنساءكم يعاملنكم أسوأ معاملة، فواحدة تستهزء والأخرى تتذمر.. ولكن ما أمر به الآن مُختلف، لأن الإنسانة التي وجدتها أحبتني مثلما أنا، وجعلتني أشعر وفي غضون اسابيع قليلة بأني ممكن أن أحب.. وأتضح لي بأن الحب هو أن تحيا في حالة عارمة تجتاز كيانك بالكامل..! وتجعلك مرتبطاً روحياً وجسدياً بالإنسانة التي أستطاعت أن تملك قلبك بأسلوبها وبحنانها، فالجمال الخارجي يمكن أن يؤدي الى الإعجاب، ولكن لكي تقع في الحب فأنك تحتاج الى من يفهمك، من يقرأ أفكارك ويؤمن بها، من يمنحك الأمان العاطفي، من لا يخون ثقتك، من يحترمك في وجودك وفي غيابك، من لا يعارضك عندما تكون مُحقاً، ومن لا يجرحك عندما تكون غاضباً، من يفتخر بنجاحك، ويدفعك لأن تكون إنساناً معطاءاً ومُبدعاً، من لا يستهزء بقدراتك، ولا يفشي أسرارك.. أن يكون وسادة لراسك عندما تنام بدون قلق.. حينها نظر "مازن" الى "جورج" وقالا سوية لـ "منعم" – يا لسعادتك، ويا لتعاستنا..
عش أنت حُبَّكَ، ولا تسألنا عن مواجعنا.. فالحُب كالنصيبِ المجهول، لن تراه أعيننا.. إلا إذا مكتوباً على جباهنا، ومزروعاً بين أضلعنا..
ملاحظة – جميع الاسماء وهمية، ولكن القصة – ربما تكون حقيقية.