تعتبر هذه المرة هي المرّة الثانية التي أتناول فيها بعض الدردشة عن موضوع الفيس بوك (وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي) والذي اصبح واقع مهم من حياة عدد هائل من الأفراد الذين يستخدمونه للتواصل مع الأقارب والأصدقاء في مختلف أرجاء العالم، أو للترويج عن منتجات معينة، أو للإعلان عن نشاطات مختلفة، إذ اصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الكثير منا.
وكما أن للبيوتِ حرمات، فلصفحة الفيس بوك لأي إنسان حرمة أيضاً.. فعندما أدخل الى بيت أي إنسان، أكون خاضعاً لأعراف وقوانين هذا البيت من ناحية التصرفات والأخلاقيات.. فإذا كان يتطلب الأمر مني أن أخلع حذائي للدخول، فسأفعلها، إحتراماً لفكر وتقاليد أهل الدار. وإذا لم استسغ هذا الشرط لدخول البيت فيتوجب عليَّ المغادرة بهدوء..
وغيرها من البروتوكولات المتعارف عليها للذين يدركون معنى حرمة الأشياء.
عموماً، من حق كل إنسان أن يعبّر عن رأيه في صفحته في الفيس بوك ، مثلما يأخذ الإنسان راحته في بيته، ولكن عليه أن يتذكر بأن الجميع ينظر الى ما يحصل هناك، لذا على الشخص التفكير ملياً قبيل الإعلان عن أي موقف أو تعليق.. ولكن لا يحق له أن يتطفل على صفحات الآخرين ووضع مواد لا تتلائم مع الفكر أو النهج الذي ينتهجه صاحب تلك الصفحة.. ومما لا شك فيه، فإن الفيس بوك يساهم في الكشف عن خفايا وتفاصيل تتعلق بشخصيات أصحاب الصفحات المختلفة.. فهناك من يستهزء بالغير متعالياً، وهناك من يتطاول على الغير مستغلاً معاني الحرية الوهمية التي أتاحها مؤسسوا الفيس بوك لمرتاديه، وهناك من يكتفي بالمراقبة وعدم التعليق، وهناك من يعلق على اتفه المرسلات ولا تفوته واحدة، وهناك من ينتقد الآخرين متصوراً نفسه قاضي القضاة، وهناك من يدّعي القداسة والإيمان المطلق، وهناك من يستفز الآخرين ويستدرجهم الى حوارات معينة قد تُرضي بعض أسقامه النفسية، وهناك من هم مثل الفراشات الجميلة في طيرانهم حول الزهور تراهم يبثون عطراً لطيفاً على الصفحات من خلال تعليقاتهم الرقيقة والحساسة، وغيرهم.
بصراحة هناك متعة في التجول بين صفحات الاصدقاء في الفيس بوك.. ولو ان مصطلح الاصدقاء قد لا ينطبق فعلياً على البعض ممن هم على تواصل مع الآخرين في هذا الموقع، ولكن دعونا نستخدم مصطلح "الأصدقاء" مجازاً.
لقد تمكن مصمموا الفيس بوك وبجدارة من أستقطاب عدد هائل من الناس للتواصل عبر هذه الشبكة التي احتلت المرتبة الاولى من حيث مستخدميها، وهذه بعض الأحصائيات التي وردت في موقع اليوم السابع مؤخراً - وصل عدد مستخدمى شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إلى 1.44 مليار مستخدم شهريًا، و800 مليون مستخدم نشط على خدمة "واتس آب"، و700 مليون مستخدم لخدمة المجموعات كل شهر، و600 مليون مستخدم شهريًا على خدمة "فيس بوك ماسنجر" كل شهر، و300 مليون مستخدم شهريًا على تطبيق "إنستجرام".
عدد مهول من البشر يتواصلون مع بعضهم البعض عبر مواقع التواصل الأجتماعي، فيا ترى كيف سيتمكن مدراء هذه المواقع من السيطرة على أدبيات التعامل والتواصل ما بين مرتاديها (أو مستخدميها)؟
وكيف؟ وماهو دورنا بهذا الخصوص؟
وهل لنا أي تاثير على مجريات الامور؟
هذا ما سأتركه لكم للتفكير بعمق.